النشــأة العضوية الرؤسـاء الأعضـاء المنشورات آفــاق أنشطة بلاغــات مؤتمــرات
المنشـورات الإلكترونية مواقف معادية للاتحاد

  حوارات مع عبد الحميد عقار

 ·

·

·

·

·

 

 

 

 


 

:::: عبد الحميد عقـار

من الضروري أن يسهم المثقف في تكسير الصمت حول قضايا المجتمع

 في ظل الوضع الثقافي والفكري، الذي لا يمكن وصفه بأكثر من المتواضع، كان لابد من وضع مجموعة من الأسئلة وحملها إلى البعض؟ من يعنيهم هذا الوضع ومستقبل الثقافة والفكر في بلادنا. فكان اللقاء مع عبد الحميد عقار، رئيس اتحاد كتاب المغرب، عسى أن نجد أجوبة عن بعض من الأسئلة التي ترددت كثيرا. وفي حوارنا مع الرجل لمسنا سعة صدره واستعداده للمكاشفة وتحمل المسؤولية بدون مواربة، كما لمسنا فيه نوعا من الرغبة، الجديدة، في أن يجعل من مؤسسة اتحاد كتاب المغرب أداة فاعلة في تكريس الفعل الإبداعي النوعي الإيجابي، الذي يدعو المثقف والمفكر والسياسي إلى الإسهام في حمل هموم المجتمع والإدلاء بالموقف مما يعني المواطن حتى لا تظل القرارات المصيرية والقضايا المجتمعية بعيدة عن انشغال هذا وذاك. وقد ناقشنا عقار في قضايا الإرهاب الفكري وحال الثقافة في المغرب ومسؤولية المثقف في تأسيس وعي جماعي قادر على التغيير في الاتجاه السليم الايجابي للأشياء.

بداية، أي تقييم منكم للمرحلة الحالية التي يعيشها اتحاد كتاب المغرب في ظل رئاستكم بعد مرحلة سابقة شهدت الكثير من الانتقادات، ماذا تغير؟

- حدثت مجموعة من التغييرات منذ المؤتمر السادس عشر إلى اليوم، يعني منذ فبراير 2005. وأختار منها الأكثر أهمية. وكما هو الشأن في كل المؤتمرات، كان هنالك انبثاق على مستوى المسؤوليات وانبثاق أيضا على مستوى أرضية العمل، التي فيها ملامسة أكثر واقعية لأهم الإشكالات التي يحياها المغرب اليوم، هذان العملان، انبثاق قيادة جديدة والأرضية الجديدة، بلورناهما من الناحية العملية في مجموعة من الأهداف العملية وضعنا في ضوئها البرنامج الثقافي المتعلق بالمرحلة المتبقية من 2005 ونحن الآن بصدد تحديد البرنامج الثقافي العام لسنة2006 . وأهم شيء في هذا العمل هو إدراج بعد التنوع والتعدد الثقافي من حيث هو سمة مميزة للمغرب وتحد مطروح على المغرب وجب عليه أن يعقلنه أكثر وينظمه لكي يصبح خلاقا بشكل أفضل ويسهم في الدينامية المجتمعية بشكل أقل توتر وصراع وأقل خلق لجزر معزولة داخل المثقفين أو الجمعيات أو حتى داخل القوى العامة المحركة للمجتمع. والمسألة الثانية تهم العلاقات المغربية، فرغم أن الاتحاد استمر دائما حاضرا إما في إطار العلاقات مع الاتحاد العام لأدباء وكتاب العرب وإما في إطار علاقات جديدة في اتجاه بلدان الحوض المتوسط، فقد رأينا، بعد نقاش في هذا الأمر داخل المؤتمر، أنه من المفيد للمغرب في المرحلة الراهنة، أن يتحرك المثقفون والأدباء في اتجاه نسج علاقات تبادل وتواصل ثقافيين عربيين في اتجاه مغاربي أولا وفي اتجاه متوسطي، وبالدرجة الأساس، اتجاه مغربي إسباني، ثم في اتجاه عربي أفقي في حدود الاستطاعة والإمكان.

* لماذا هذا الاختيار؟

- لأنه، في تقديري الشخصي، وانطلاقا من النقاشات التي كانت في المؤتمر والاجتماعات والعديد من الحوارات التي كانت لي، ترسخ لدي الاقتناع بأن المغرب عليه أن يكون سباقا إلى تعميق العلاقة والحضور المتبادل بينه وبين إسبانيا وبينه وبين الجزائر، فالعديد من المعضلات التي يعانى منها المغرب هي ثمرة غياب التعاون وغياب تضافر الجهود وغياب التواصل بين هذه الأطراف الثلاثة. إذن فالمثقفون بإمكانهم أن يقوموا بدور إيجابي في هذا الاتجاه. ففي إسبانيا هناك صور نمطية كثيرة عن المغرب وفي الغالب هي صور ذات طبيعة سلبية، ولكن داخل الكل الإسباني هناك العديد من الأصوات والعديد من المنابر والآفاق التي يمكن أن نطور من خلالها علاقات متطورة مع المغرب. وهذا يفرض على الكتاب والمثقفين أن لا ينتظروا حل المشاكل السياسية أو الاقتصادية، بل عليهم أن يبادروا إلى خلق تلك العلاقة الجديدة، لهذا اخترنا أن تشتغل فروع الاتحاد في الشريط الممتد من طنجة إلى الناظور على أن تعطي الأولوية لهذا البعد المتوسطي باعتبار الجوار وحضور اللغة الإسبانية في هذه المناطق وباعتبار الحضور الإسباني الواقع والمنتظر في المجالات الفنية والمجالات الاقتصادية. أما فيما يخص الاتجاه نحو الجزائر، فالعديد من المشاكل العالقة في السياسة الخارجية المغربية، أقصد العلاقات الثنائية، أعتقد أن سببها يكمن في طبيعة النظرة الموجودة في الرباط وفي الجزائر للعديد من القضايا، إذ ليس هناك وحدة التطور بل ليس هناك حتى حوار معمق يظهر الرغبة في التغلب على الصعوبات. هنا لا يمكننا، كذلك، أن ننتظر السياسيين أو ننتظر حتى الدولة، لأنني أفترض أن المثقفين والكتاب بإمكانهم نسج علاقات مفتوحة وديمقراطية وواضحة ليس فيها فقط الماضي بل كذلك الحاضر بما فيه من صعوبات والمستقبل، لأنه مهما كانت قيمة الماضي بجميع مستوياته ينبغي الاهتمام باستثمار التاريخ والانكباب على مشاريع الحاضر. والمأمول من وراء هذا هو أخذ المغرب نحو كونية حقيقية، والكونية ليست شيئا معلقا في السماء، بل هي القدرة على إبراز الخصوصية في الزاوية التي يمكن أن تفيد الآخرين، ونحن الآن بإمكاننا أكثر أن نفيد الآخرين وأن نتلقى الإفادة أيضا منهم. أما المتغير الثالث الذي نشتغل عليه فهو إعادة النظر في العلاقات بين المكتب المركزي وبين الفروع والمجلس الإداري وبين هذا كله ومختلف المثقفين. فالسنوات الأخيرة شهدت ، مثلما قلتم، العديد من النقاشات والملاحظات بعضها صحيح وبعضها غير ذلك وهذا أمر طبيعي حدوثه في المجتمع، المجتمع، كما يقول "مونتسكيو"، الذي لا تشتم فيه روح الاختلاف هو مجتمع مهيأ للعبودية، واتحاد كتاب المغرب لا يمكنه أن يتحول إلى مؤسسة للعبودية لأنه لم يكن في يوم ما كذلك وليس من مصلحته ذلك ولا من مصلحة الكتاب. إذن، فأصوات هؤلاء وملاحظاتهم وتأملاتهم أخذت بعين الاعتبار. وارتأينا أن نشتغل بطريقة جماعية أوسع مما كان إلى حد الآن. فهكذا يشرك المكتب المركزي الفروع في برامجه ويقيم معها علاقات مباشرة حول برامجها الخاصة، كما أن المجلس الإداري ملتزم بضرورة الانتظام في الحضور، الذي يجب أن يكون حضورا مجديا وذا طبيعة تقود إلى اتخاذ القرار ليس فقط حضورا للمصادقة. وهو ما أعطى ثماره، وإن كان بإيقاع متفاوت، في جل الفروع التي انطلقت بها الأنشطة، والفروع الأخرى مازلنا نواصل تحفيزها وتحميسها على أن تستأنف هي الأخرى عملها. وهنالك أيضا بعد التواصل الذي يشتغل عليه الاتحاد. حيث كان دائما يجد في بعض الصحف التي لها حضورها سندا معنويا حسب التصور الذي تضعه هذه الصحف أو وسائل الإعلام الأخرى لعملها. ونحن نبذل جهدا في هذا الاتجاه حتى تحظى المؤسسة بنقاش إعلامي من خلال المتابعة. في هذا الإطار، كذلك، أعطينا أولوية أساسية لمجلة "آفاق"، فكانت اجتماعات مدققة ونقاشات في ضوء التجارب التي مرت وفي ضوء التجارب التي يحياها المغرب وتجارب أخرى عالمية وخرجنا ببعض الخلاصات يعكسها العدد الأول من المجلة والعدد الموالي. وهذا هو السر في بعض البطء في العمل الذي أنتقد فيه نفسي أولا وننتقد فيه أنفسنا داخل المكتب المركزي، لكن رغبتنا كبيرة في أن نصل إلى الجودة وإلى تمثيلية مقنعة وإلى إشراك مختلف الأجيال حتى لا يقع تفاوت من أي نوع.

· تحدثتم عن مفهوم "الانبثاق" في رؤيتكم الجديدة لعمل الاتحاد. ألا يعني هذا أن هنالك رغبة متعمدة في تجاوز طبيعة الفترة السابقة في ظل رئاسة حسن نجمي والفترات السابقة؟ ثم ألا يمكن القول إنكم باختيار التوجه المتوسطي نحو إسبانيا والمغاربي نحو الجزائر تكونون تنفذون توصية من جهات رسمية معينة أو من الدولة في ظل الأحداث التي شهدها ويشهدها المغرب في علاقته بهذين البعدين؟

- لا. بالنسبة لما نقوم به من جديد فهو متروك للمحللين والنقاد والأدباء بعد أن يعمق حضور المكتب المركزي الجديد. وفي تقديرنا هناك جديد في ما نعمله، بل هناك أكثر من جديد وهو مسؤولية أن نحقق قيمة مضافة وإلا ما كان معنى للمؤتمر. نعمل، إذن، على أن يصير اتحاد كتاب المغرب فاعلا في الدينامية الاجتماعية...

* هنا هل يمكن القول إنكم استحضرتم في هذه المرحلة هاجس أن تجعلوا قطيعة بين الفترة السابقة والفترة الحالية؟

- لا أبدا، فكما قلت في مناسبة سابقة أنا ضد عقلية المرابطين والموحدين و... أي ضد التفريق بين هذه الفترة وتلك... قضى الموحدون على المرابطين فقالوا نحن الأمة الجديدة (!!) لا، ليس الأمر كذلك. ما أفكر فيه أنا والذي تذاكرنا فيه وناقشناه على امتداد 3 أشهر هو التالي: ماذا بوسعنا أن نضيف من جديد. من آفاق، من مساحة للإتحاد انطلاقا من اللحظة التي استلمنا فيها المسؤولية؟ ربما في هذا نقد غير مباشر لتاريخ الاتحاد كما يمكن أن يكون فيه نوع من التأويل، لكن ليس هذا هو الأساس. الأساس هو أننا نراهن على أن نستطيع إضافة قيمة أخرى لتاريخ الاتحاد وهي قيمة ليست فقط في حدود ما قمنا به من وضع للنقط التي يمكن أن تكون موضوع نقاش، بل من خلال المنجز التاريخي الذي سيبقى على مستوى الندوات والملتقيات الوطنية أو الدولية أو المغاربية أو المتوسطية... أو على مستوى المنشورات التي ستبدأ في الصدور من أواخر دجنبر عن مجلة "آفاق"، والدفعة الأولى ستكون جاهزة في فبراير مع انطلاق المعرض الدولي الثاني عشر للكتاب (...) أما بالنسبة للتوصيات التي تحدثت عنها، فأنا أقول بصدق وأتحدى أي واحد في هذا: طوال حياتي في اتحاد كتاب المغرب لم أعرف يوما أن هناك من أعطى توصية ما لا من قبل الطرف المدني، أحزاب أو جمعيات.. ولا من قبل الدولة. فكذلك الشأن الآن (...) فالسلطة هي سلطة 11 فردا في المكتب المركزي و 21 مكتبا في الفروع والمجلس الإداري بما يشتمل. ولا وجود لسلطة أخرى خارج هذه السلطة. وما ننجح فيه هو بحضورنا وتفكيرنا وبدعم من الأصدقاء وما نفشل فيه نتحمل فيه المسؤولية كاملة (...) واتحاد كتاب المغرب من حيث هو سيواصل رسالته باعتباره فضاء للحوار والنقد والنقد الذاتي (...) والأهم هو أن يكون هناك تصور محدد للمسألة الثقافية وارتباطاتها بالشأن السياسي، ليس فقط بأطراف القوة داخل البلاد بل أيضا بالعلاقات الدولية التي ينخرط فيها المغرب شاء أم لم يشأ. فالتصور يؤسس لنظرة أخرى، وهو مادافعت عنه دائما. ويتأسس هذا على ثلاثة أشياء دافعت عنها كثيرا وستجد صداها في البرنامج الثقافي للإتحاد. الشيء الأول: العمل من أجل بلورة ثقافة لتدبير الخلاف، لا لتدبير الوحدة. فنحن نعيش وحدة فرضها التاريخ، فرضها النظام وقبلتها القوى السياسية لدواعي معينة. الآن ندعو إلى تهييء مناخ من أجل أن تكون هناك ثقافة لتدبير الخلاف. الشيء الثاني هو أن الاقتناع بالتعددية والدفاع عنها ينبغي أن يصبح شيئا راسخا وممارسا في الحياة اليومية ليس فقط في الأذهان والأفكار. ومعنى التعددية أن تتعايش كل الأفكار وكل المشاريع وكل الاقتناعات بشرطين أساسيين هما: أولا، الاعتراف بالآخر كما هو. ثانيا، رفض ونبذ العنف والتطرف والإقصاء مهما كانت دوافعها. أما الشيء الثالث فهو مسؤولية المثقف. فالأخير مازال مطالبا، بحكم الوضعية التي يحياها المغرب، بالإبداع، أي أن يبحث عن قيم مضافة في مجالات تخصصه، فنحن في حاجة للمعرفة. مطالبٌ كذلك بأن يكون له حضور في دينامية المجتمع، والحضور لا يكون بالتظاهر في الشارع، مثلا، بل بتخصيص جزء من اهتماماته وتحليلاته وكتابته في معالجة قضايا المجتمع: مارأيه، مثلا، في التعدد اللغوي، في المستقبل السياسي للمغرب، إلى متى سيبقى المغرب بدون مؤسسات؟ إلى متى سيظل المغرب يرفض أن يتحاور بنوه أوبناته؟ إلى متى سيظل الذي ينتسب إلى ما يعرف بالتطرف في جزيرته واليساري في جزيرة أخرى...؟ إلخ.

* في إطار المسؤولية، يؤاخذ على الاتحاد استنكافه عن تسجيل مواقفه من مجموعة من القضايا التي يشهدها المغرب. وكان من آخر هذه القضايا الإرهاب الفكري مجسدا، فضلا عن حالات سابقة، في حالة سعيد الكحل وغيره... أين أنتم من مواقف التنديد والتضامن؟

- هنا مستويان من التفكير والنقاش. المستوى الأول هو أن دينامية الاتحاد لم تنطلق بعد بالإيقاع الذي نفكر فيه والذي نرغب فيه. المستوى الثاني هو أن الاتحاد لم يتوان لحظة واحدة في إعلان مواقفه فيما يخص الأشياء التي تتعلق بخرق الحريات من قبل السلطة، إلا أن المواقف التي عبرنا عنها لم تصدر في الصحف، باستثناء صحيفة أو صحيفتين... فالاتحاد تضامن مع الكاتبة والأديبة زهور كرام عندما اعتقلت من قلب الشارع واستُنطقت داخل السفارة الفرنسية، كذلك كان الشأن مع المهدي المنجرة... هذه حالات تتطلب التضامن من دون تأخر، أي عندما تعتدي السلطات على الحريات. أما الحالات التي تتحدث عنها فللإتحاد فيها تحليل وتصور وموقف أيضا، صحيح أن هذا الموقف لم يصدر ولكن كون الاتحاد لم يصدر موقفا في هذه الحالة أو في تلك لا يعني أنه يساند التطرف أو العنف. أما التهديد الذي توصل به الأستاذ سعيد الكحل ليس جديدا. فكل المنتسبين إلى اليسار الثقافي توصلوا برسائل تهديد مباشرة وعنيفة وقوية وموقعة، لكن الكتاب المهددين كانوا أقدر جوابا على ذلك. فالمسألة ليست هي إصدار موقف أو ما شابه بل المسألة هي كيفية الوقوف في وجه هذا النوع من التطرف والأفكار، وهذا ما نشتغل عليه في الاتحاد الآن. أنا أفضل أن أستدعي الأستاذ الكحل لمحاضرة أو ندوة أو موضوع ويحاوره الآخرون ويكون الموضوع هو كيفية مقاومة التطرف عن أن أصدر بيانا اعتبارا لأن ما وقع هو بين أطـــراف مماثلة لا بين الـدولة والفرد.

* لكن أنا أعتقد أن إعلان الموقف يتجاوز جميع التبريرات التي يمكن تُعطى في هذا الإطار سواء دافع الفرد المهدد عن نفسه بهذه الطريقة أم لم يدافع. لأن مسؤولية الاتحاد في الموقف هي جزء من عمله...

- هذا اجتهادك أنت. لكن أنا أعتقد أن الأستاذ الكحل يواصل كتابته بالعنف وبالتحليل الذي ألفه وبأساليبه. إن التطرف والتكفير له حل آخر أعمق من بلاغ التضامن. نحن لسنا بعيدين عن هذا الهم، أبدا. فقد اشتغلت في حقوق الإنسان بعد النقابة واشتغلت في الثقافة. فبالنسبة إلي الأهم هو كيفية بلورة نقاش مغربي صرف حول تجريم التكفير كما جُرمت العديد من الأفعال مثلا في إطار ما عُرف بقانون محاربة الإرهاب. فالتكفير ليس من حق أحد ومطالبة الآخرين بالتوبة ليس من تفويض أحد. إذن فالخلافات حول الأفكار ينبغي، في تقديري الشخصي، أن تواجه بالأفكار لا بالبلاغات أو المواقف. في السياق نفسه، هل كان انطلاق الموسم الثقافي ببلاغ تعزية؟(!!) ينبغي أن نحكم على اتحاد كتاب المغرب بمتابعة أنشطته فافتتاح الموسم الثقافي كان بندوة ثقافية كبرى وغطتها "الأحداث المغربية"، وكان النقاش قويا بين محاضرين من اختصاصات متباينة (سوسيولوجية، أدبية، فلسفية وإعلامية). هذا هو الافتتاح، وليس هو أن نبدأ بإصدار تعزية كما قال البعض (...) أعتقد أن المثقف والكاتب مسؤولان ولهما أخلاق المعرفة وليس أخلاق الوعظ والإرشاد. والمسؤولية هي مسؤولية عما يصدر عنهما من أفكار والتي لا تصدر لأنه ليس هناك تهديد أو ليس هناك حرية، بل هي تصدر لأن المثقف يحس بأن عدم بوحه بتلك الأفكار هو التخلي المطلق عن الفكر وعن المجتمع.

* إذا سلمنا بما تقولون، ما المانع من أن يبادر أعضاء الاتحاد، مثلا، إلى نشر مقالات في مواضيع التهديد والتكفير ولو تطلب هذا الأمر تدخلا من أجهزته للدفع في هذا الاتجاه؟ نحن نشعر بأن المثقف المغربي يعتلي برجه العاجي بعيدا عن هموم المجتمع والفرد، وهو ما تردد في ندوة افتتاح الموسم التي تحدثتم عنها. ما تقييمكم لهذا الأمر؟

- هذه مسألة فيها أخذ ورد. بالنسبة إلي وبالنسبة إلينا جميعا داخل اتحاد كتاب المغرب هنالك فكرة سبق أن طرحتها في العديد من المناسبات. إذ ينبغي تكسير الصمت. فعلى المثقف أن ينشغل بإبداء الرأي وبالتحليل في أمهات القضايا التي تشكل، للأسف، ما يشبه عائقا أمام تطور المجتمع المغربي. التطرف لا خلاف حول ضرورة مقاومته في المغرب، فقط التعبير عن ذلك هو الذي يمكنه أن يختلف بين هذه المؤسسة أو تلك. لكن ليس التطرف وحده الذي يوجد في بلادنا، بل هنالك أشياء أخرى أساسية لم نشتغل عليها: بأي معنى، مثلا، سيظل المغرب لا يحترم المؤسسات؟ بأي معنى يكون هناك قبول عودة الدولة إلى احتكار سلطة القرار والتنفيذ... لا يْعقل هذا! فالعديد من القرارات اتُّخذت لا يقال فيها رأي! ما هي التصورات التي تنبني عليها القرارات المستقبلية مثلا في أفق الانتخابات التشريعية القادمة (...) إذن فمن الضروري أن يسهم المثقف في تكسير الصمت لاسيما ما تعلق، كما قلت، بأمهات القضايا المطروحة من قبيل التعدد اللغوي... لدينا شعور الآن، يتردد عند المواطن والنخب والمثقف وعامة الناس بأن ليس هناك جهاز واحد للدولة، بل أجهزة متعددة إلى غير ذلك من الأشياء التي لا تهم الثقافة فقط بل ميادين أخرى كمسألة حاجة المغرب إلى ملكية برلمانية وإلى حكومة قوية بالقانون لا بشيء آخر... أقول إذن نريد فضاء للنقاش والاختلاف، بحيث ينبغي أن لا يبقى للمغاربة شيء لا يقولونه (...) أؤكد إذن على ثلاثة أمور هي أولا: حرية التعبير والكلام في حدود اللياقة المطلوبة، ثانيا: قبول الآخرين، بحيث ينبغي أن لا يعتبر أحد أنه مركز الكون ومالك الحقيقة، فالحقيقة ليست واحدة. ثالثا: ضرورة بناء المغرب في كليته، وليس فقط الاقتصار على إصلاح هذه الجماعة أو تلك أو هذا الحزب... فنحن في مرحلة ينبغي أن نضع المغرب ككل في رهان كسب معاركه وتحدياته الأساسية، وينبغي أن يكون الاتحاد فعالا في هذا المجال.

* أعود بكم إلى مسألة الإبداع التي تحدثتم عنها سابقا في موضوع مسؤولية المثقف. ألا ترون أن اقتصار دور المثقف على الإبداع إلى حين حصول التراكم الكافي لم يعد واردا في الوقت الراهن في ظل التحديات الكبرى، لاسيما أننا اجتزنا حتى اليوم ما يكفي من المراحل التي يفترض أن يكون فيها المثقف تجاوز الإبداع إلى الموقف؟ أليس هذا طرحا مثاليا؟

- ربما، لكن المثقف أو الكاتب هو كذلك ليس لأن لديه، فقط، القدرة على الظهور أو القدرة على أن يتخذ موقفا، بل هو كذلك لأنه مبدع، لأنه ينتج إبداعا. فعندما أطرح الوظيفة الإبداعية أعني أنه يجب على الكتاب أن يواصلوا تعميق الحضور الإبداعي. فالتراكم الإبداعي، مقارنة مع الماضي، شيء مؤكد ولكن هل هذا التراكم الحاصل هو في مستوى عدد سكان المغرب؟! إذن فلا يمكن أن يكون للثقافة في المغرب حضورها من دون أن يكون الإبداع موجودا. وهذه الوظيفة لا تحتاج إلى أي توصية ولا لشيء آخر بل تحتاج إلى دعم معنوي، ومناخ وسوق... ومثلما تفضلت، لا يكفي أن أبدع رواية، ولكن علي أيضا أو على الآخرين أن يبدعوا سوقا لتصبح لهذه الرواية أو المؤلف الفكري مستهلكون. فعندما أدافع عن الإبداعية فيمكن أن يكون الدفاع مثاليا، ولكنني أنا مقتنع بأنه لا يمكن أن يكون للمغرب الثقافي تطور في قيمه المضافة من دون إبداع. لكن، وكما قلت، ما يزال المثقف المبدع مطالبا بأن يكون له صوت في دينامية المجتمع وأن يساهم فيها من موقعه. وعندما أقول هذا فأنا أستحضر المعرفة. وإذا قارنا معرفتنا بميكانيزمات ما ساد في الستينيات والسبعينيات نلحظ الفرق، وهو فرق كبير، وذلك لأن عدد الفاعلين في الحقل الثقافي وتطور العلوم الإنسانية والاجتماعية والبحوث الميدانية وبروز القيمة للإبداعات الحياة كانت عوامل ساهمت في تطوير معرفتنا بواقعنا وبمجتمعنا وهو ما يسهم في تغيير نظرتنا للأشياء.

* نرجع الآن إلى المرحلة السابقة من تاريخ رئاسة الاتحاد لنستحضر حالة رفض القاص أحمد بوزفور جائزة القصة التي منحتها إياه وزراة الثقافة وما رافق هذا الرفض من ردود فعل البعض، والتي وصلت، أحيانا، إلى حد التهجم المبطن بينما لم يزعج البعض الآخر. أريد رأي عبد الحميد عقار، الرئيس والمثقف، مما جرى ومن مبررات الرفض البوزفوري؟

- مبدئيا للكاتب سلطة تامة على إبداعه. فهو يتحمل مسؤولية ما يكتبه وبالتالي من حقه أن يأخذ الموقف الذي يتناسب مع اقتناعه وآرائه. فأن يرفض بوزفور الجائزة، هذا من حقه ولا يمكن لأحد أن يناقش هذا الحق. ثم لم يكن هو الأول، فقد كان عبد القادر الشاوي قبله، إذ تصادف اختياره للفوز بالجائزة مع خروجه من السجن، فاعتذر. ولكن سنوات بعد، أصدر "الساحة الشرفية" وكان الوضع مختلفا فقبل الجائزة. ما هو غير عادي هو تكييف حالة مثل هذه بطريقة ما. بالنسبة لي بوزفور ليس هو الذي رفض الجائزة. هناك الحادثة، التي هي عابرة وهي أن بوزفور رفض جائزة ما في سياق ما... ولكن بوزفور الحدث هو الذي يهمني أنا.. أي بوزفور القاص الذي أضاف للقصة القصيرة في المغرب قيمة مضافة؛ فعندما أصدر "النظر في الوجه العزيز" لفت النظر إليه وفتح آفاقا للقصة القصيرة بالمغرب وأعطاها أبعادا جديدة. بوزفور أستاذ جامعي جيد تمكن من أن يقنع طلابه بقيمة الشعر القديم ويجعلهم يحاورونه بلذة، لا بالواجب. ثم إن بوزفور بعشقه وحبه للقصة القصيرة أسس مع مساهمين آخرين مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب في كلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء وهي مجموعة نشيطة (...) هذا هو بوزفور الحدث، أما الجائزة فإنها مجرد حادثة وانتهت. الأساس هو أن لا تُسيس هذه الحالة، لأنه لم يشرك معه أحد في شيء... (...) وأنا لم أكن متفقا مع ردود الأفعال كاملة سواء التي صدرت عن بعض الزملاء والكتاب دفاعا عن بوزفور، لأنه لم يكن في حاجة إلى دفاع، أو تلك التي انتقدته. إذن أنا أحتفظ بقيمة الحدث لا بالحادثة العابرة (...) ثم إن حقل الثقافة والإبداع ليس مجالا للإحتكار بل للتنافس الخلاق وتظافر الجهود والحوار (...) وشخصيا أنا أحرص ما أمكن على التقاط ما هو مضيء وإيجابي وباقٍ في الثقافة. أحيانا يبدو للقاريء المغربي المتتبع أننا نفتقد للموضوع وأننا نقبض على أي موضوع من أجل الخوض فيه بينما المغرب مملوء بالموضوعات الجديرة بالنقاش

* ... وما تصفونه الآن هو وضع بعيد عن تكريس تقليد ديمقراطي حواري كما هو متعارف عليه في بلدان سبقتنا إلى هذا التقليد. إذ نلاحظ فيها تداولا كبيرا للأفكار والاستفزازات التي تخلق نوعا من الحركية...

- أنا لست ضد السجال أو الحوار حول قضية ما كما تفضلت. أنا ضد السجال الذي يتحول إلى إقصاء متبادل وإلى نوع من الاتهام والاتهام المتبادل لا ضد حوار الأفكار، ولهذا لا أريد الرد على أحد...

* نعلم أن اتحادات الكتاب في العالم العربي كانت وليدة سياقات سياسية معينة ومرتبطة بالأنظمة السياسية الشمولية. الأمر الذي ألصق بها الصفة الرسمية وجعل البعض، الآن، يقولون بأن لا حاجة لاتحادات الكتاب، لاسيما في ظل انهيار الحدود الثقافية والثورة المعلوماتية. فهل مازالت الحاجة لاتحاد كتاب المغرب قائمة اليوم؟

- فعلا، فاتحادات العالم العربي للكتاب كلها، مع بعض الاستثناء، ولدت في سياق سياسي معين. واتحاد كتاب المغرب، مثلا، ولد في سياق حماس وطني بلوره فكر تقدمي مغاير كان على خلاف مع السلطة. فكان من اللازم أن توجد هناك هيئة لإظهار صوت الكاتب، فكان الاتحاد بمبادرة من مجموعة من الناس قبل أن تتسع إلى دائرة أوسع في المغرب وفي المغرب العربي. لكن خلافا لجل الاتحادات العربية التي نشأت في كنف الدولة ولد الاتحاد المغربي ونشأ وتطور بعيدا عن الدولة. أما احتضان الدولة فقد أثر على خطابات تلك الاتحادات وعلى برامجها الثقافية وعلى نظرتها إلى كيفية استثمار العمل الثقافي وتوجهاتها. وعلى مدى اجتماعات الاتحادات العربية هذه تردد السؤال: إلى متى ستظل الاتحادات سجينة أنظمتها السياسية. وقد أصبح من الضروري اليوم أن تستقل الاتحادات بالكامل عن السلطة وعن أي قوى نفعية يمكن أن تجعل من الاتحاد أداة لها وأن يكون المرجع الأول والأخير لاتحادات الكتاب هو كتابها وعطاؤهم الفكري. كما لا يمكن لهذه الاتحادات أن تكون ذات فعالية إذا لم تتسلح بالديمقراطية. ولا أعني فقط ديمقراطية التدبير والتنظيم بل ديمقراطية التفكير (...) قضية أخرى وهي أن اتحادات الكتاب العربية مدعوة اليوم، قبل الغد، إلى أن تلتفت إلى العالم وإلى أن تجعل من نفسها أداة جسر لخلق حوار مع المثقفين في العالم. لأنه لا يمكن أن نظل نكتب لأنفسنا ونقرأ أنفسنا. صحيح أن هناك جهودا في الترجمة وفي التواصل ... في المغرب أوفي مصر أولبنان أوسوريا... لكنها جهودا لا تقوم بها الاتحادات، بل تقوم بها الجامعة أو الدولة أو الهيئات الوطنية. لذلك فالاتحادات مطالبة أيضا بأن تجعل من برامجها برامج للحوار الأدبي والثقافي مع الغير. كما أنها مطالبة بأن تولي الاعتبار للثقافات غير المركزية في بلدانها (...) وأن تتجاوز التقليدية الثقافية وتتجاوز إعادة تكرار المواقف الماضوية. نحن أيضا في اتحاد كتاب المغرب نبذل جهدا في أن نوجد لغة لا يكتبها كل اتحادات الكتاب، وهذا ليس حيادا أو تطرفا، بل هو بحث عن مجال الإضافة النوعية. عموما على جميع الاتحادات أن تشتغل بلغة الثقافة ومفاهيم الثقافة وروح الثقافة، ولكن بوعي سياسي نقدي متفتح يضع رهن إشارته كل ماهو كوني. أما الحاجة إلى الاتحاد أو انعدامها فهي قابلة للنقاش، لأن الحاجة يحددها الناس وتحددها الأسئلة. إذا ما كان اتحاد للكتاب سيظل حاضرا فحضوره ينبغي أن ينبني على ملامسته لأهم الأسئلة في المجتمع، وأن تكون تلك الملامسة من الزاوية الثقافية وبروح نقدية لا تلغي ما هو سياسي أو تحتقره. فلا منفذ للمغرب إلا بعودة التألق للفعل السياسي وعودة القوة للأحزاب السياسية ذات الشرعية ليس التاريخية فقط بل حتى النضالية (...).

* ارتباطا بموضوع دور المثقف واتحاد كتاب المغرب ومسؤوليته، الملاحظ، أحيانا، أن فعاليات المجتمع المدني تنوب عن المثقف في إعلان المواقف والتضامن في القضايا التي تهم المجتمع. ما قولكم في هذا؟

- أولا، لا أشاطرك الرأي في أن المجتمع المدني قوي ويقوم بمبادرات. فمبادراته تكاد تكون قطاعية باستثناء ما تعلق بالتضامن مع العراق وفلسطين. وقلما كانت هناك وقفات لصالح القضايا الأم: هل سبق أن تظاهر المجتمع المدني لصالح ملكية برلمانية في المغرب؟ هل سبق أن قام باحتجاج أو رفض لتأويل معين أعطي للإنتخابات التشريعية 2002 مثلا، علما أن الذين كانوا سيشكلون الحكومة حصلوا على 196 مقعدا؟! لو كان المجتمع المدني يقوم بما تفضلت به لمَا سكت عن الانتخابات بالشكل الذي كانت عليه؟ هل يُعقل أن تحصل اللوائح المدافعة عن الحداثة والديمقراطية على تلك الأصوات القليلة؟! لو أن المجتمع المدني كان بالفعالية التي تذكر، هل كنا في حاجة لعرض المدونة على لجنة ملكية؟! نحن في اتحاد كتاب المغرب، فكما قلت مازلنا في البداية ونسير ببعض البطء سنتغلب عليه قريبا جدا، ولكننا نفكر في أن يكون اهتمامنا العام هو القضايا الكبرى، وهذا هو الأساس (...) وأن تصبح بلادنا بلاد مؤسسات حقيقية وقانون وديمقراطية، وأن يكون للثقافة دور فعال إلى جانب السياسة (...)

* هل تعتقدون أن هنالك أنتلجنسيا في المغرب أو مجموعات ثقافية ذات وزن وضغط كما هو الحال في بلدان أجنبية؟

- لا، لم يتشكل المثقفون في المغرب، بعد، باعتبارهم أنتلجنسيا. فهم فئة اجتماعية لها العديد من الانشغالات والقضايا والقواسم المشتركة، ولكنها ليست مشكلة كأنتلجنسيا لها قوة ضغط متبلور حول مجموعة من الإصلاحات المركزية وحول تصور ديناميكي موحد، لم تتشكل كأنتلجنسيا بمعنى وجود أفق يضم كل هؤلاء المثقفين. بالرغم من وجود جمعيات تحتضنهم ويعبرون من خلالها عن هويتهم الثقافية كفئة اجتماعية، فانهم لم يصلوا بعد إلى تكوين أنتلجنسيا. وحتي في الولايات المتحدة، لا أظن أن الأمر وصل إلى تشكيل أنتلجنسيا، بل وصل إلى ما أسميه وجود مثقفين لهم ألمعية ولهم قراء واسعون ولهم سلطة إعلام قوية تجعل منهم رموزا. فتلاقي هذه الأشياء جعل من المثقفين قوة ضغط معينة يمكن أن يكون لرأيها تأثير على سلطة القرار. في المغرب قام المثقفون بهذا الدور مع الآخرين، سواء من خلال الأحزاب السياسية أو من خلال تشكيلات سياسية ذات طبيعة يسارية نشطت في مرحلة من المراحل ومن خلال بعض المنابر مثل مجلة "أنفاس" و"أقلام"... ومن ثمة فطبيعة تأثير المثقف في المغرب لها مساران: إما أنه انخرط بكتاباته وآرائه في موضوع يشغل قطاعا اجتماعيا واسعا ذي هوية خاصة ( الخطاب النسائي، مثلا، والحقوقي والأمازيغي...) وإما أن المثقف خلق تيارا معينا، مثل علال الفاسي وتيار السلفية المستنيرة الجديدة التي تقبل بشرعية الدولة، أو عبد الله العروي الذي خلق من خلال أفكاره نسقا معينا يساريا وجدت فيه مجموعات أخرى ما اعتبرته أبا روحيا لها فكانت كتاباته مرجعية لها في مواضيع الحداثة والتاريخ وأزمة المثقفين والعقل... كذلك الشأن بالنسبة لمحمد عابد الجابري، ومحمد شفيق، الذي وجدت فيه الجمعيات الأمازيغية مرجعية لها... من هنا لا يمكن القول إن المثقف لا يقوم بدوره، بل هو حاضر في قضايا المجتمع.

حاوره: سعيد الشطبي

صدر في جريدة الأحداث المغربية يوم  الاحد 27 نونبر 2005

 

موقع اتحاد كتاب المغرب

Copyright © 2001 unecma.net